كانت الساعة تقارب العاشرة مساءً حين استلقيت على ظهري وحاولت أن أغمض جفوني و أنام، لكني فوجئت بصوت إمرأة تبكي وتصرخ بصوت مرتفع، قفزت مفزوعاً أبحث عن مصدر الصوت،وإذا بي أرى أمي تركض صوب بيت الجيران، هرعْتُ راكضاً ورائها .. أصرخ انتظريني ....
وما أن وصلت بيت الجيران إذ بي أصدم وعيناي تدمع وقلبي يدمر لرؤية نار عظيمة شبت واستولت ألسنة لهبها على بيت الجيران، ذلك البيت الذي أعتبرته بيتي الثاني ، بيت لطالما كان ينبض بالحياة لكنه اليوم يقتل أمامي على يد نار لا ترحم.
{inAds}
كانت الساعة تقارب العاشرة مساءً حين استلقيت على ظهري وحاولت أغمض جفون عيني كي أنام، لكني فوجئت بصوت إمرأة تبكي وتصرخ وتندب حظها، قفزت مفزوعاً أبحث عن مصدر الصوت،وإذا بي أرى أمي تركض صوب بيت الجيران، هرعْتُ راكضاً ورائها .. أصرخ انتظريني ....
وما أن وصلت بيت الجيران إذ بي أصدم وعيناي تدمع وقلبي يدمر لرؤية نار عظيمة شبت واستولت ألسنة لهبها على بيت الجيران، ذلك البيت الذي أعتبرته بيتي الثاني ، بيت لطالما كان ينبض بالحياة لكنه اليوم يقتل أمامي على يد نار لا ترحم.
ألتفتُ حولي أبحث عن صديقي ، خفت عليه أن يكون في وسط ذلك الصراع الذي يدور بين الموت والحياة وبين البقاء والفناء ،أخذت أمسح المكان بنظراتي وأثناء البحث عنه تقع عيني على كثير من الوجوه المذعورة والمتحسرة على هذه الكارثة، لمحتُ صبية صغيرة منهارة تبكي آملة أن تطفأ دموعها تلك النار، أمسكت بيدها وألقيت نظرة صغيرة إلى البيت فلم أتحمل ذلك المنظر ..وضممتها بشدة هامسة في أذنها بصوت خافت: لا تخافي ولا تحزني .
نظرتْ إلي ودموعها تسيل على وجنتيها كالجمر المشتعل ،صرخت فجاة: لا.. لا .. لما بيتي ... لما ؟؟ أه.. أه.. لو لم تترك أمي ذلك الفرن مشتعلاً لما احترق.. وصمتت لبرهة والقت على البيت نظرة بريئة كطفل يبكي على فقدانه حضنا أواه، وهو يصرخ بداخله متحسراً متألماً على فقدانه إياه.
ولاأستطيع نسيان تلك الدموع التي كانت تترقرق في عينيها كحبات البلور،وضعت يدي على وجنتيها ومسحت دموعها وقلت لها مبتسمتاً: إنها ليست بغلطة أحد.. وأخذتُ بمواساتها ،لعلي أخففُ عنها معاناتها .
وفي ذلك الوقت قد اجتمع رجال الحي ومعهم أبي وحشد كبير من رجال الإطفاء يحاولون بكافة الطرق والوسائل إخماد الحريق، الكل يعمل على قلب رجل واحد وقد اتحدوا على هدف مشترك وهو القضاء على ألسنة النيران التي كانت تزداد وتنتشر مثل روؤس الأفاعي التي تنشر سمها في كل مكان .
تمر الساعة تلو والأخرى والكل يسرع ويشارك في همة وحماسة للقضاء على النيران التي لم تدع صغيراً أو كبيراً داخل البيت إلا وقد قضت عليه وجعلته في عالم النسيان .
↔️
مشاعر الحزن والحسرة تُرسم على وجوه أصحاب البيت،دموع تنهمر على ذكريات تلاشت وأصبحت في عالم الذكريات ،آمال وطموحات توارات للأبد .
لكني مازالت أقفُ محدقاَ بالبيت عاجزاً عن الكلام .. أفسح المجال لتلك الدموع وتلك المشاعر التي تحاول جاهدة أن تروي شدة أسفي وحزني على هذه الحادثة.
رأيتُ جارتنا وهي تبكي وتحاول جمع ما تبقى من حطام هذا البيت ، وطفلة تحاول إزالة الرماد عن ألعابها وكتبها وإرجاعها كما كانت مع إنها تعلم أن هذا مستحيل.
وأب يرطم برأسه على الجدران ويمسح بيده ذلك السواد باكياً على خسرانه منزله، حقا تلك المناظر لا تستطيع الكلمات وصفها .
وبعد أن هدأت الأمور دخلت البيت وسطت ما تبقى من ألسنة الأدخنة ذات الرائحة الكريهة والتي كانت تحاول قتل ما تبقى من أحياء داخل ذلك المكان الذي أصبح مثل بقايا وأطلال قد اندثرت رأيت مدى الضرر والدمار الذي خلفه الحريق، تلمست تلك الجدران وأطفأت ألسنة من اللهب كانت تكافح للبقاء.
{inAds}
باتت عائلة صديقى عندنا وكان صديقي معي في غرفتي ،وقد ظل طوال الليل ينظر من شرفة غرفتي التي تطل على بيتهم المظلم، يبكي محطم الفؤاد تائه في حسرته وحزنه،يودع بيته الذي نُقشت فيه أجمل الذكريات والآمال والطموحات والتي حرقت مع تلك الجدران.
بعد عدة أيام رحل جيراننا إلى بيت جديد منحتهم إياه الحكومة عوضاً عن بيتهم .. ودعتهم وقد رسمتُ بسمة أمل كاذبة لفراقهم ، ووعدت صديقي على أمل اللقاء .
أقرأ أيضا مقطع وصفي حول إندلاع حريق في بيت الجيران: