سنة سابعة: محور " تونس الجميلة "

 


موجّه إلى السّنة السّابعة من التّعليم الأساسيّ : 

محور " تونس الجميلة " : هو نصّ تم اقتطافه من مجلّة العربيّ ، العدد 414 ماي 1993 ( استطلاع لسليمان مظهر ) ...وللنّصّ بقيّة


وكما أن لكل شيء بداية، فقد بدأت حكاية - تونس بقصة يرويها التاريخ. فحوالي عام ٨١٤ قبل الميلاد، أبحرت «أليسار» ابنة ملك صور الفينيقية - على الشواطيء اللبنانية الحالية - في أسطول كبير بعد مأساة عائلية قتل فيها أخوها وزوجها، وتبعها عدد كبير من الأعوان والأنصار. واستقرت بها عصا الترحال على ساحل البحر المتوسط على مسافة بعيدة من الموانىء المصرية والليبية. في ذلك الموضع .. اعتزمت أليسار - ويسميها اليونانيون ديدون - أن تنشيء مستعمرة جديدة. وأقامت على الرمال وبين الصخور مدينة أطلقت الملكة الشريدة عليها اسم قارت هداتش . أي المدينة الجديدة بالفينيقية. وتداولت الألسنة هذا الاسم جيلا بعد جيل، حتى أصبح قرطاج» وهي المدينة التي قدر لها أن تهز الإمبراطورية الرومانية وتزعزع أركانها، وتدفع بها في وقت من الأوقات إلى حافة الهاوية بقيادة القائد القرطاجني هانيبال» وأسرته. ولكن الرومانيين تمكنوا في النهاية من

تخريب المدينة وتحويلها إلى أطلال. على أطلال «قرطاج» الممتدة على مسافة عشرين كيلومترا من العاصمة الحالية تونس، وقفنا نستعيد أحداث الماضي، ونتأمل صورة المدينة العظيمة التي أطلق عليها وما جاورها بعد انتصاراتها اسم . إمبراطورية إفريقيا». وبين ما بقي من الأحجار والأعمدة التي لا يزال بعضها قائما، نكاد نسمع أصوات قعقعة الأسلحة وهي تتبارز في معارك القرطاجيين ضد الغزاة، وتتردد في آذاننا هتافات المنتصرين وضربات مجاديفهم وهم يمدون نفوذهم على طول الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. وحين وضعوا أيديهم على إسبانيا استولوا على ذهبها وفضتها وحديدها ونحاسها. وتحولت قرطاج من مركز للتجارة إلى أكثر مدائن البحر الأبيض، ثراءوقوة.

قصور بايات تونس الصيفية التي تحول أغلبها إلى مزارات ومقاه تتردد بين جنباتها الموسيقى الراقصةوالأنغام الشرقية الأصيلة.

عندما يحكي الحجرونتلمس بكل جوارحنا مجد تونس حين نزور كريكوان» ونتجول في معابرها الطويلة، أو نتنزه في معالم «دقة» الشهيرة، أو تنزل بمسرح «الجم» الذي صمدت جدرانه الشامخة أمام كل المحن، أو نتأمل لوحات فسيفساء بوماجوس البديعة، أو نتوغل في إنها كلها معالم أثرية خلفتها الحضارات المتتالية، وسطرت صفحاتها على جدران مدينة قرطاج التي دمرها الأعداء أكثر من ثلاث مرات في العهد البونيقي، وفي العهد الروماني، ثم بعد رحيل الصليبيين وقائدهم سان لويس». وإذا كانت بعض هذه الآثار قد تحولت إلى أطلال، فإن الحجر مازال يتكلم، سواء بين بقايا المواني البونيقية، أو مقبرة الأطفال الضحايا، أو عند حمامات انطونين، أو على مدارج الأوديون المنتصب على الهضبة، وبجواره مشاهد التاريخ وآثاره المعروضة في متحف «بوردو». في متحف الآثار نتابع حكايات الماضي ومعالم التاريخ ترويها مجموعة رائعة من لوحات الفسيفساء والمنحوتات والمجوهرات وندور بين مجموعات من اللوحات وقطع من توابيت الموتى وجدت في مقابر

بالقرب من موقع قرطاج. ولعل أجمل ما نشاهده صورة جميلة واضحة المعالم للربة (ثانيث يونانية الطابع في جوهرها، وتماثيل أخرى صغيرة استخرجت من القبور القرطاجية من جزائر البليار التي كانت تابعة للإمبراطورية القرطاجية. وإذا كان بعض هذه الآثار خاليا من الدقة، فإن بعضها يبدو بشعا لا تطيق العين رؤيته كأنه صنع لإرهاب الأطفال أو طرد الشياطين. أما ما بقي من الخزف فيدل على أن هذا الفن كان يقصد إلى النفع لا إلى الجمال الفني، برغم ما يعرف من براعة الصناع القرطاجيين وإبداعهم نماذج رائعة من المنسوجات والحلي والنقش على العاج والأبنوس والكهرمان والزجاج. ولا شك أن أروع ما يضمه

المتحف تلك اللوحات الفسيفسائية التي تعتبر أكبر مجموعة للفسيفساء في العالم، بين إغريقية ويونانية ورومانية، لعل أبرزها ما يحكيه هوميروس من أساطير الأوديسة ومغامرات هرقل وتيه أوليس في بحر الظلمات. (باردو) كل شيء في متحف بوردو يحكي كيف كانت تونس معبر الحضارات. فهي بلد عربي يرجع تاريخه إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، قبل عصر ما قبل التاريخ حتى وقتنا الحاضر. وضعها الاستراتيجي وسواحلها الممتدة يشرا لها سبل الاتصال بالشعوب الأخرى، وجعلا منها أرضا للتلاقي وموطنا لإغناء الحضارات. وإذا كانت تأثيرات الحضارة الفينيقية قد وضعت لها جذورا في أرض قرطاج حتى عظم شأنها على مر الأيام، فإن تدمير قرطاج قد مكن روما من بسط نفوذها على أنحاء البلاد بالرغم من مقاومة الأمازيج سكان البلاد الأصليين. وفي العهد الروماني انتشر العمران والبناء كما تشهد بذلك الآثار . النفيسة التي رأيناها ماثلة حتى اليوم في الجم ودقة وسبيطلة ومكثر وغيرها. واستمرت مراحل التاريخ حتى كان القرنان الخامس والسادس بعد الميلاد حين استهدفت تونس الحملات الوندال ثم البيزنطيين. ولم يضع حدا لكل ذلك سوى الفتح الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي، والذي عرفت البلاد من بعده باسم «تونس الخضراء».


ـ تبيّن أهمّ مميّزات تونس من خلال النّصّ

ـ ارصد تاريخ الوطن ، وبيّن ضرورة خدمته والاعتزاز بتاريخه العريق وانتمائك إليه.


شكرا على تعليقك

أحدث أقدم